السبت، 10 ديسمبر 2011

النحــاس باشا و سفــير اسبانيا و بريطانيا و امريكــا


لا يتســع المقام لكثير من هذه الروايات , لكننا نكتفى بأن نورد من ذكريات ابراهيم فرج ما يدلنا ان النحاس ظل على خلق و هيبه حتى  مع السفراء الاجانب و هذه وقائع مقابلات السفراء الأسبانى و البريطانى و الأمريكى , و تدلنا الواقعة الأخيرة أن مهــابة النحــاس كــانت محفــوظه وســامقة رغم كل هذة التلقائية و البســاطة :
اول واقعه يتحــدث عنها ابراهيم فــرج  ويكتب فى مذكراته : حدثت واقعتان فى وزاره 1950-1952 , الأولى مع سفير اسبانيا فى القاهره و كان رجلا متقدما فى السن و ارستقراطى المنبت . قابل النحاس باشا , وكنت حاضرا هذه المقابله , و تطرق الحديث الى ثـورة الريف المراكشي , و الأمير عبد الكريم خطابى ( مغربى ) , وكــان لاجئا وقتها فى مصر و قال السفير " ان الفرنسيين مازالوا حتى الآن يحملون اسبانيا أسباب عدم القضاء على الأمير عبد الكريم "
فبادر النحاس باشا بالرد عليه بعنف : " انت بتقول الحكايه دى ليه , انت عايزنى أسلم لكم عبد الكريم الخطابى ؟ ده راجل انا بساعده علشان يطردكم من بلده "
فارتبك السفير الاسبانى واراد اصلاح الموقف فقال للنحاس باشا " اننى اقول ان فرنسا هى التى تقول ذلك "
فرد عليه النحاس " دع فرنسا لى "
و عند خروج السفير قال لى و هو مرتبك " ما معنى دع فرنسا لى ؟"
فقلت له " ان النحاس باشا زعيم كبير , و هو يريد ان يقول لك انه يستطيع أن يتعامل مع فرنسا " ..طبعا الكان النحاس باشا بتعبيره " دع فرنسا لى " يعن ان لا شأن لكم بفرنسا .. أنا استطيع التفاهم معها اذا كان لها رأى فى ذلك . وكانت فرنسا مستاءه و قتها من تأييد و تدعيم حكومة الوفد لقضايا الشعوب العربيه فى شمال افريقيا .

الحادثه الثانيه كانت للسفير البريطانى و الاميركى

"طلب السفير البريطانى مقابله النحاس باشا على انفراد .. وحدد له موعدا فى بيته .. وعندما دخل الصالون فوجئ بى جالسا ..فقال للنحاس باشا انه طلب أن يقابله بمفرده دون وجود اى مسؤول آخر . فإستأذنت النحاس باشا فى الخروج وقلت له " ان هذا من حق السفير مادام طلبه "
لكن النحاس قال لى " اقعد "
وقال للسفير " ان ابراهيم فرج له صفتان , الاولى انه وزير و الثانية انه سكرتيرى وهو الآن يجلس معنا بصفته سكرتيرى " وقد أحرج السفير لانه طلب ان يقابل النحاس باشا بمفرده ليشكو له من عنف التصريحات التى يدلى بها المسؤولون فى الوزارة ضد انجلترا .. وانا على رأسهم " ابراهيم فرج " , لأنها تعكر صفو العلاقات بين الدولتين .و لم يجد السفير بدا من الحديث ..لكن بلطف , فرد عليه النحاس بطريقه احرجته .. وقال له "إن المسؤلين الذين تقصدقهم يتحدثون بأقل مما ينبغى من اللوم الذي يجب أن يتحدثوا به عن موقفكم من المفوضات التى لم تسفر عن شئ حتى الآن "
" وخرج السفير البريطانى و ذهب الى السفير الأميركى وطلب منه ان ينقل للنحاس باشا استياء الحكومه البريطانية من التصريحات العنيفه التى يدلى بها المسئولون المصريون ضد بريطانيا لأنه لم يستطع الحديث بحرية مع النحاس فى هذا الشأن "
و بالفعل حضر السفير الأميركى لمقابلة النحاس أن يخفف من حــده تصريحات المسئولين المصريين التى تندد بأميريكا , لأنها تعرقل رغبته فى مساعدة مصـر , وقال انه يتحدث فى هذا الطلب بصفته الشخصية .. زبناء على ماطلبة منه السفير البريطانى "
"وكـان النحاس باشا قد طلب قهوه للسفير " كافرى " وكان لا يشربها ابدا , فمال على " ابراهيم فرج " وقال لى " أن لا اريد ان اشرب القهـوه ..ماذا افعل ؟"

فقلت " ان كنت لا تريدها فلا تشربها "
ورآنا النحاس باشا و نحن نتهامس , فقال ل " كافرى " :حذ القهـوه .

فأسرع كافرى و تناول فنجان القهوة و شربه على مضض , و فى اليوم التالى أخبرنى أنه أصب بمغص .. و انه اضطر لشرب فنجان القهوة خوفا من النحاس باشـا " .

هكــذا كان الرجل .. وهكــذا كان الزعيــم ... رحمة الله عليك يا مصطفى باشا النحاس .